تقارير

وضع حجر أساس “مدينة الحرفيين ببورتسودان… ميلاد جديد للصناعة السودانية 

متابعات: شارع النيل نيوز

في خطوة نوعية تُعزز الاقتصاد الوطني وتمكن الكفاءات المحلية، شهدت مدينة بورتسودان الساحلية، امس الثلاثاء، حدثًا تاريخيًا بوضع حجر الأساس لمشروع “مدينة الحرفيين”، بمشاركة قيادية وزارية وحكومية رفيعة، ليكون هذا المشروع منصة انطلاق حقيقية للصناعات الصغيرة والحرفية نحو آفاق التميز والإنتاجية والتصدير.

 

 تعهد وزاري بدعم غير مسبوق للحرفيين.

 

تحت شعار “المهارات السودانية أساس التنمية”، أعلنت وزيرة الصناعة محاسن على يعقوب عن التزام وزارتها الكامل بتقديم كافة أوجه الدعم والمساندة الفنية واللوجستية لإنجاح هذا المشروع الطموح.

 

ووصفت الوزيرة المشروع في كلمته خلال الاحتفال بأنه يمثل “ميلاداً جديداً للصناعة الصغيرة والحرفية في السودان”، متعهدةً بتذليل كافة العقبات التي قد تعترض سبيله.

 

وأكدت محاسن على أن “الصناعات الصغيرة والحرفية هي أساس التنمية الحقيقية”، معتبرة إياها النواة والرافد الأساسي للصناعات الكبيرة في المستقبل، في إشارة إلى تحول استراتيجي في رؤية الحكومة للقطاع الصناعي. كما أشارت إلى أهمية تعميم هذه التجربة الرائدة لتعم جميع ولايات السودان.

 

 رؤية متكاملة: ربط الصناعة بالبنية التحتية والنقل

 

من ناحيته، كشف وزير البنية التحتية والنقل سيف النصر التجاني عن رؤية متكاملة تربط بين تطوير المنشآت الصناعية وتمكين البنية التحتية اللوجستية.

 

ووصف التجاني المشروع بأنه “خطوة مهمة لتطوير الصناعات الحرفية”، كاشفًا النقاب عن خطط كبرى تشمل تحديث خطوط السكة الحديد وربطها بدول الجوار الأفريقي، إلى جانب تطوير الموانئ والطرق البرية.

 

وتهدف هذه الخطط إلى خفض تكاليف الصادرات والواردات بشكل كبير، وتعزيز الميزة التنافسية للمنتجات السودانية من خلال المنفذ الاستراتيجي لميناء بورتسودان.

 

 إرادة سياسية ودعم حكومي للكفاءات المحلية 

 

بدوره، أكد ممثل والي ولاية البحر الأحمر، علي عثمان أبشر، على الدعم الكامل من حكومة الولاية للمشروع والحرفيين، لافتًا إلى أن “نهضة كثير من الدول قامت على الصناعة”.

 

وأعرب عن ثقته الكاملة في امتلاك السودان للكوادر والمهارات البشرية الكفيلة بتحقيق قفزة نوعية في هذا القطاع الحيوي، مشيدًا بالرؤية المشتركة بين الحكومة الاتحادية والولاية لإنجاح هذا الصرح التنموي.

 

 *خبراء: هل بدأت وزارة الصناعة النهضة الحقيقية؟* 

 

قال : إبراهيم شقلاوي – الكاتب السياسي والباحث في الإعلام التنموي (لصحيفة مسارميديا) 

 

إنّ وضع حجر الأساس لمدينة الحرفيين في بورتسودان يُعدُّ خطوة عملية وجوهرية، تعكس إرادة سياسية واضحة لتحفيز قطاع الصناعات الصغيرة والحرفية، والذي يُعتبر من أهم مداخل التنمية الاقتصادية المستدامة في الدول النامية.

 

 *ويمكن قراءة هذه الخطوة من خلال عدة مؤشرات إيجابية:* 

 اعتراف رسمي بدور الصناعات الصغيرة: هناك تحول نوعي في الخطاب الصناعي الرسمي، حيث أكدت وزيرة الصناعة أن هذه الصناعات ستكون “النواة والرافد الأساسي للصناعات الكبيرة”، وهو تصور سليم ومتسق مع التجارب الدولية الناجحة.

2. تكامل نادر بين البنية التحتية والإنتاج: ربط وزير البنية التحتية المشروع بخطط تطوير السكة الحديد والموانئ يدل على وجود رؤية متكاملة تتجاوز الحلول الموضعية إلى بناء منظومة إنتاج متصلة ومدعومة لوجستيًا.

3. الاستثمار في رأس المال البشري: التركيز على “المهارات السودانية” يمثل انتقالًا من الاقتصاد المعتمد على الموارد الطبيعية إلى اقتصاد قائم على المعرفة والمهارة، وهو اتجاه تنموي ناضج.

4. الانسجام المؤسسي: المشاركة الواضحة لكل من الوزارات الاتحادية (الصناعة، البنية التحتية) وسلطات الولاية يعزز الثقة في تنفيذ المشروع ويقلل من عقبات التعاون التي تعاني منها كثير من المشاريع.

 

خلاصة القول: لا يمكننا الجزم بأن النهضة الصناعية قد اكتملت، ولكن يمكن القول إنّ مقدماتها بدأت تتشكل، ومؤشرات الانطلاق أصبحت ملموسة. التحدي الأكبر الآن يكمن في الانتقال من مرحلة الحجر الأساس والخطابات إلى التنفيذ الفعلي والمتابعة المستمرة، مع ضرورة تطوير التشريعات، وتأمين التمويل، وخلق بيئة أعمال جاذبة.

 

مشروع مدينة الحرفيين في بورتسودان لا يمثل فقط منشأة عمرانية، بل هو علامة فارقة في التوجه الصناعي للحكومة السودانية، وقد يكون نقطة انطلاق حقيقية، شريطة أن تُستكمل الإرادة السياسية بخطط تنفيذ واقعية وقابلة للقياس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى